كتبت تريسا جوينوف في أتلانتيك كآونسل أن القارة الأفريقية، ولا سيما غربها، تحولت إلى ساحة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة في ظل صعود النفوذ العسكري الصيني. أشارت إلى أن الصين توسع وجودها في القارة عبر قواعد، وتدريبات، وشراكات أمنية وتجارية، ما يهدد بتقليص الدور الأمريكي إذا لم تُعِد واشنطن صياغة استراتيجيتها الدفاعية القادمة.

أكد التقرير أن وزارة الدفاع الأمريكية تحتاج إلى مقاربة جديدة تتجاوز التركيز الحصري على منطقة المحيطين الهندي والهادئ. احتمال إنشاء قاعدة صينية على ساحل غرب أفريقيا بات هاجسًا استراتيجيًا لأنها ستمنح بكين قدرة على إسقاط القوة في المحيط الأطلسي، على مقربة مباشرة من المجال الحيوي الأمريكي.

يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة أضعفت أدواتها الدبلوماسية والاقتصادية بعد تقليص مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وميزانيات وزارة الخارجية، ما ترك فراغًا ملأته الصين وروسيا وإيران ودول أخرى. هذا الواقع جعل من التعاون العسكري والدبلوماسية الدفاعية وسائل أساسية للحفاظ على نفوذ واشنطن.

الصين، وفق التحليل، تتعامل مع أفريقيا كركيزة رئيسية في مبادرتها الأمنية العالمية. عززت وجودها العسكري عبر بعثات حفظ السلام، وتدريب مئات الضباط الأفارقة في الصين، وتنظيم مناورات مشتركة، إضافة إلى بيع السلاح. أكثر من 70% من جيوش أفريقيا باتت تعتمد على عربات مدرعة صينية. كما بنت بكين قاعدة عسكرية ضخمة في جيبوتي، ويُنظر إليها كنموذج محتمل لتوسّع آخر في غرب القارة.

على الجانب المقابل، فقدت الولايات المتحدة قاعدتها في النيجر عام 2024 وتواجه تحديات في إعادة الانتشار، بينما توسع الصين شراكاتها مع دول مثل الجابون ونيجيريا والكونغو الديمقراطية. وقّعت بكين استثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية والموانئ التي تحمل طابعًا مزدوج الاستخدام، ما يزيد القلق من أهداف عسكرية كامنة.

يلفت التقرير إلى أن الجماعات المسلحة في الساحل وغرب أفريقيا تواصل تمددها، وأن الإرهاب أودى بحياة نحو 18900 شخص في أفريقيا عام 2024. مع انسحاب واشنطن من بعض المواقع، فقدت قدرات استخباراتية مهمة، بينما تستغل روسيا ذلك لتوسيع وجودها، كما حدث باتفاقية تعاون عسكري مع توغو ودعمها للانقلابات في مالي وأفريقيا الوسطى.

يرى التقرير أن على وزارة الدفاع الأمريكية صياغة استراتيجية متكاملة توازن بين مواجهة الإرهاب، إدارة العلاقات الدفاعية الثنائية، ومراقبة التوسع الصيني والروسي. ويؤكد أن القارة أكبر وأكثر تعقيدًا من أن تُدار بالوكالة أو بموارد محدودة.

يوضح الكاتب أن الولايات المتحدة ما زالت تحتفظ بميزتين أساسيتين: جودة شراكاتها العسكرية التي تفضلها دول عدة على التعاون مع الصين، والفرصة التي تتيحها شكوك بعض الحكومات الأفريقية تجاه "دبلوماسية القروض" الصينية. غير أن هذه النافذة قصيرة، وإذا لم تتحرك واشنطن سريعًا فقد تخسر موقعها الاستراتيجي.

يختتم التقرير بالتشديد على أن أفريقيا ستضم ربع سكان العالم خلال 25 عامًا، وأن استمرار الغياب الأمريكي سيمنح الصين أفضلية طويلة الأمد. لذلك يدعو إلى تعزيز الحضور الأمني الأمريكي، والحفاظ على القيادة عبر التعاون العسكري المتجدد والدبلوماسية النشطة، وإلا فإن واشنطن قد تفوّت لحظة حاسمة لإثبات نفسها كفاعل استراتيجي رئيسي في القارة.

https://www.atlanticcouncil.org/in-depth-research-reports/issue-brief/addressing-chinas-military-expansion-in-west-africa-and-beyond/